يتغيّر الجنين بشكلٍ كبير في الأشهر الأخيرة القليلة من الحمل، وبالنسبة للأجنّة الذّكور، فإن أبرز هذه التغيّرات هي انتقال الخصيتين من البطن إلى كيس الصفن، لكن في بعض الحالات لا ينجح هذا الانتقال، مما يسبب ما يُعرَف بالخصية المعلقة، وهو ما سنتطرّق إليه في المقال.[١]


الخصية المعلقة

يُشار إلى الخصية المعلقة (Undescended testicle أو Cryptorchidism) بأنها حالةٌ خَلقية شائعة، وهي التي لم تتحرك فيها الخصيتان عبر القناة الإربية نحو الأسفل لتستقرّ داخل كيس الصّفن عند الولادة، والتي تحدث بشكلٍ شائعٍ عند 2-4% من الأطفال حديثي الولادة،[٢][٣] ولا تحتاج معظم الحالات إلى العلاج، فقد تتحرّك الخصيتان بشكل طبيعي إلى مكانها داخل كيس الصفن خلال الأشهر 3-6 الأولى من عمر الطفل.[٤]




تختلف حالة الخصية المعلقة عن انكماش الخصية (Retractile Testicle)، والتي تحدث عند شعور الطّفل بالبرد أو الحرج أو الانزعاج، وتُعاوِد النزول في كيس الصّفن عند زوال شعور الطفل بذلك، وهو أمرٌ طبيعي إلا أنه يجب مراجعة الطبيب في مثل هذه الحالة.



[٢]


ما أسباب الخصية المعلقة؟

تتشكّل الخصيتان في في الوضع الطّبيعي في بطن الجنين عندما يتواجد في رحم أمه، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل تتحرّك الخصيتان نزولاً للأسفل في كيس الصفن،[٢] لكن ما زال اختلال ذلك وسبب حدوث مشكلة الخصية المعلقة غير معروفٍ حتى الآن، إلا أنّ العوامل التالية قد تتداخل مع التطوّر الطّبيعي للخصيتين:[٤][١]

  • الولادة المبكّرة، أي قبل الأسبوع 37 من الحمل.
  • انخفاض الوزن عند الولادة.
  • تاريخٌ عائلي للإصابة بمشاكل متعلّقة بتطوّر الأعضاء التناسية، كمشكلة الخصية المعلقة.
  • الإصابة بالحالات الصّحية، مثل متلازمة داون التي تؤثر في تطوّر الجنين.
  • تشريح غير طبيعي للجهاز التناسلي.
  • مشاكل هرمونية.
  • تعرّض أحد الوالدين قبل الحمل للمواد الكيميائية، مثل مبيدات الحشرات المُستخدَم في المزارع.
  • معاناة الأم من بعض المشاكل، مثل:
  • داء السكري باختلاف أنواعه.
  • السّمنة.
  • تدخين السجائر أو شرب الكحول خلال الحمل.


أنواع الخصية المعلقة

هنالك نوعان اثنان من مشكلة الخصية المعلقة، وهما:


الخصية المعلقة الخَلقية

يُولَد بعض الأطفال بدون خصيتين في كيس الصّفن، وعادةً لا يكون سبب هذه الحالة معروفًا؛ بالرّغم من ذلك يمكن لبعض الاضطرابات الهرمونية والوراثية أن تسبب مشكلة الخصية المعلقة.[٥]


الخصية المعلقة المُكتسبة

يمكن أن تتحرّك خصيتا الذّكر داخل الجسم بالرّغم من تموضعهما بشكلٍ صحيح في كيس الصّفن عند الولادة، وقد يكون السبب في ذلك هو أن الحبل المنوي، الذي يربط كلّ خصيةٍ بالجسم، يفشل في النمو بنفس المعدّل عند بقية الأطفال، إذ تسحب الحبال المنوية القصيرة نسبيًا الخصيتين تدريجيًا من كيس الصفن إلى الفخذ، وهو ما يمكن أن يحدث عندما يكون عمر الصبي بين 1-10 سنوات، كما أنها قد تحدث عند الأولاد المُعالجين من مشكلة الخصية المعلقة كمشكلةٍ في وقتٍ لاحق خلال مرحلة الطّفولة.[٦]


أعراض الخصية المعلقة

في الطفل المُصاب بالخصيتين المعلقة لن تتأثر قدرته على التبوّل ولن يشعر بأي ألم، ولكن يتمّ افتقاد وجود إحدى الخصيتين أو كلاهما، ولا يمكن الشّعور بهما في كيس الصفن، فإذا لم تنزل كلتا الخصيتين، سيبدو كيس الصفن صغيرًا ومسطحًا بشكلٍ غير طبيعي، فإذا تأثّرت خصية واحدة فقط، سيبدو كيس الصّفن غير متوازن.[٣][٧]




بين الحين والآخر عندما تقومين بتحميم ابنك الرضيع أو تغيير حفاضه، تأكدي من أنه يمكنك رؤية كلتا الخصيتين والإحساس بهما في كيس الصفن، كما سيقوم الطبيب بفحصها أثناء الفحوصات الرّوتينية، وعندما يكبر طفلك، يمكنك تشجيعه على التحقق منها بنفسه.



[٢]


دواعي مراجعة الطبيب

عادة ما يتمّ الكشف عن الخصية المعلقة أثناء الفحص البدني لحديثي الولادة، والذي يتمّ إجراؤه بعد الولادة بفترةٍ وجيزة، أو أثناء الفحص الروتيني خلال 6-8 أسابيع من الولادة، ولا بدّ من مراجعة الطبيب في أي وقتٍ يتمّ افتقاد وجود إحدى الخصيتين أو كلاهما، أو عند ملاحظة أحد المشاكل التالية:[٤][٧]

  • النزيف أو علامات العدوى في مكان كيس الصفن.
  • شعور الطفل بألم شديد في منطقة العانة.


كيفية تشخيص الخصية المعلقة

يمكن عادةً تشخيص الخصية المعلقة خلال الفحص البدني، إذ يتمّ وضع الطفل في مكانٍ دافئ يساعده على الاسترخاء، وتمدد الجلد حول كيس الصفن لتسهيل الفحص الجسدي، والذي يحدّد الطبيب خلاله ما إذا كان يمكن الإحساس بالخصيتين في كيس الصفن أم لا، ولصعوبة إجرائه في 20% من الحالات، سيلزم إجراء الفحوصات التالية:[٤][٨]

  • التصوير بالرنين المغناطيسي مع استخدام الصّبغة: يقوم الطبيب بحقن الصّبغة في مجرى الدم لإعطاء صورة أوضح عما إذا كانت الخصية في الفخذ أو البطن.
  • تنظير البطن (Laparoscopy): يقوم الطبيب بإدخال أنبوبٍ صغير مزوّد بكاميرا متصلة به من خلال شق صغير في البطن، وعند اللزوم، يمكن أيضًا إجراء الجراحة التصحيحية باستخدام نفس الأداة.
  • الجراحة المفتوحة (Open surgery): في حالات نادرة ومعقدة، يستخدم الجراحون هذا للوصول إلى البطن مباشرة.


علاج الخصية المعلقة

إذا لم تنزل خصية ابنك بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الطفل من العمر 6 أشهر،[٧] يكون العلاج بإحدى الطرّيقتين التاليتين، أو مزيجًا منهما:

  • التدخّل الجراحي: قد يحتاج الطفل إلى عملية جراحية لإنزال الخصيتين (Orchiopexy) في كيس الصفن، وهي العلاج الشّائع لمشكلة الخصية المعلقة عند الأطفال في عمر 6-12 شهر، إلى جانب فعاليتها التي تقدّر بنسبة 98%، بحيث تمنع التضرّر طويل الأمد للخصيتين وتقلل من احتمالية حدوث مشاكل أخرى، بحيث تتمّ هذه الجراحة تحت تأثير التخدير العامّ، ودون الحاجة إلى المكوث في المستشفى ما لم يتمّ نشوء أيّة مضاعفات، على النحو التالي:[١][٧]
  • يقوم الطبيب بعمل شقٍ صغيرٍ في الفخذ أو أسفل البطن للبحث عن الخصية.
  • يُحرّك الخصية نحو الأسفل برفق.
  • يقوم بعمل شقٍ صغير في كيس الصفن، ويُثبِّت الخصية بخيوطٍ فيه.
  • يُغلِق الشقوق باستخدام غرزٍ تذوب وحدها.
  • العلاج الهرموني: خاصّة إذا كانت الخصيتان قريبتان من كيس الصف، إذ يتمّ بأحد الهرمونات المحفّزة للنمو (hCG) أو تطوّر الخصائص الجنسية الذّكورية، إذ يُمنَح للأطفال ممن يعانون اختلالاتٍ هرمونية، عن طريق حقنٍ في العضل، وتحت إشراف الطبيب، بواقع 1500-2500 وحدة دولية مرتين في الأسبوع، وذلك على مدار 4 أسابيع.[٩]


نصائح للوقاية من الخصية المعلقة

لا يوجد طريقة محددة للوقاية من مشكلة حدوث الخصية المعلقة حتى الآن.[٧]


ما هي المشاكل المرتبطة بالخصية المعلقة؟

يمكن أن تزيد مشكلة الخصية المعلقة مما يلي:[١][٦]

  • انعدام الثّقة بالذات: فقد يكون للخصية المعلّقة تأثيرٌ سلبي على ثقة الطفل بنفسه واحترامه لذاته.
  • صعوبات الحمل: فعندما تكون الخصيتان في كيس الصفن، تكون أبرد بحوالي 3-5 درجات مما لو بقيتا داخل تجويف البطن في الجسم، إذ تؤدي درجات الحرارة الأكثر دفئًا داخل الجسم إلى إعاقة تطوّر الخصيتين، وتؤثر في إنتاج الحيوانات المنوية السّليمة عندما يكبر الطفل، بينما يمكن للعلاج المبكّر أن يمنع هذه المشكلة.
  • نقص هرمون التستوستيرون: فوجود الخصية المعلقة يزيد من خطر الإصابة بانخفاض هرمون التستوستيرون.
  • الفتق الإربي (Hernias): هي حالةٌ ينتفخ فيها جزء من الأمعاء عبر عضلات أسفل البطن والفخذ.
  • تضرّر الخصيتان: عندما تكون الخصية في غير مكانها، فمن المرجح أن تكون عرضةً للتضرر.
  • سرطان الخصية (Testicular Cancer): فالذّكور بين 25-40 سنة والذين سبق إصابتهم بالخصية المعلقة أكثر عرضةً بمقدار 5-10 مرات للإصابة بسرطان الخصية بالمقارنة مع غيرهم من الذّكور الأصحّاء، حتى لو خضعوا لعملية جراحية لعلاجها.
  • التواء الخصية (Testicular Torsion): يحدث هذا عندما يلتوي الحبل الذي ينقل السائل المنوي إلى العضو الذّكري، وهي حالةٌ تسبب الألم وانقطاع تدفق الدم إلى الخصية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "What Is an Undescended Testicle?", www.webmd.com, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "Undescended testicle", raisingchildren.net.au, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Undescended Testes", www.childrenshospital.org, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث "Undescended testicles", www.nhs.uk, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  5. "Undescended testes", www.rch.org.au, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  6. ^ أ ب "Undescended testicles", www.betterhealth.vic.gov.au, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث ج "Undescended Testicles", my.clevelandclinic.org, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  8. "What is cryptorchidism, or an undescended testicle?", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 5/11/2021. Edited.
  9. "The Undescended Testicle: Diagnosis and Management", www.aafp.org, Retrieved 5/11/2021. Edited.